الصبور هو الذي لا يُعجّل بالعقوبة لِمَنْ عصاه فهو يُمهل ولا يُهمل، وهذا الاسم لم يرد في القرآن الكريم، ولكنَّ دلالات هذا الاسم وردت كثيراً، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً﴾.
فتأخير العقوبة هو مدلول اسم الصبور. كأن الله عزّ وجل يُعطي الناس فرصةً ليتوبوا، يُعطيهم فرصةً ليرجعوا، لِيُنيبوا، ليستغفروا. حيث إن القصد هو إصلاحه وإسعاده ورحمته، أما لو أن القصد تطبيق القوانين لما ترك على ظهرها من دابة. وهذه آية أخرى تدل على مدلول الصبور: ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾.
فالإنسان أحياناً قد يختل توازنه حين يرى كافراً قوياً مستعلياً يزداد قوة ومنعة وغنىً وسيطرةً، وقد يسأل الإنسان نفسه: أين الله؟ ربنا عزّ وجل بماذا يجيب عن هذا السؤال؛ إذا رأيت الكافر يزداد قوةً وغِنىً وسيطرةً واستعلاءً وجبروتاً ويتحدى ويَسخَر ويستهزئ فاذكر فرعون، ألم يقل فرعون: ﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ فأينَ الله، قال الله تعالى :
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾
إذاً الله تعالى صبور وقد أمرنا بالصبر قال تعالى:
﴿ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾
وقد يكون الصبر لغير الله؛ حين يكون الإنسان مستضعَفاً وله عدو يُنكّل به ولا يستطيع أن يفعل شيئاً فيصبر لا لأنه صبور بل لأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً، فليس هذا من الصبر الذي أمرنا الله تعالى به. إنّما الصبر أن تكون قادراً على أن تفعل شيئاً ولكن إيمانك بالله عزّ وجل يجعلك تصبر.
﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾
فأنت لا تصبر إلاّ إذا أعانك الله على الصبر.
وفي شهر رمضان يتخلق المؤمن بخلق الصبر: حين يصبر على طاعة الله فيمتنع عن الطعام والشراب والمفطرات صبراً لله تعالى. ويصبر عن معصية الله حين يعود جوارحه على الامتثال لأمر الله تعالى. ليبدأ ذلك في رمضان ويستمر على مدار العام.