بحث

الشكور

الشكور

بسم الله الرحمن الرحيم

     الشكور مبالغة من شكر.  

     فالشكور يعطيك على الشيء القليل الشيء الكثير. عطاء الله تعالى يتجاوز في حدوده الخواطر    كما قال ربنا في الحديث القدسي:  (( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )).  فكل واحد منا له دائرة مشاهدات، وهي دائرة ضيقة نوعاً ما، فقد يزور الإنسان مجموعة من البلدان ويشاهدها.  لكن دائرة المشاهدات إذا قيست بدائرة المسموعات فهي لا شيء فالإنسان مهما زار من البلدان فلا بد أنه سمع ببلدان ولم يزرها. أما دائرة الخواطر فهي أوسع دائرة، فقد يخطر على قلبك جبل طوله من هنا إلى الشمس، وقد يخطر على قلبك إنسان إذا وقف على الأرض اقترب من القمر، ودائرة الخواطر لا نهاية لها.      

     والمعنى الآخر لكلمة " شكور " هو المعنى العددي فلا يمكن أن تقدم شيئاً لله عز وجل إلا ويشكرك عليه، مهما بدا لك صغيراً. قَال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  (( بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ فَقَالَ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي فَمَلأ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا قَالَ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ)).

     قد تقدم خدمة لإنسان، ولا يستطيع أن يشكرك عليها، إلا إذا عرفك أو عرف أنك أنت الذي قدمتها، فهو يعلم أي عمل مهما بدا صغيراً، ويشكر عليه حتى لو أنقذت نملة، أو هدأت من روع إنسان خائف، لو أطعمت إنساناً جائعاً، فكل شيءٍ محفوظ عِنَدَ الله وهو عليم به شاكر لصاحبه.  

     قال تعالى:   

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾

     أما المؤمن فعليه أن يتخلق بالشكر، والشكر في حق العباد:   

     شكر باللسان، وشكر بالعمل، ولن يكون الشكر باللِسان ولا بالعمل إلا إذا عرف المرء النعمة، فأساس الشُكر المعرفة.  

     وفي رمضان الخير يتجلى اسم الشكور الذي يشكر لك صيامك وقيامك فيدخل على قلبك من السكينة ما يسعدك ويجعلك في غاية القرب والأنس بالله تعالى، وأكثر ما يظهر ذلك في يوم الجائزة يوم الفطر حين يفرح المؤمن بصومه وفي يوم الحشر حيث يفرح بلقاء ربه وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول:   

  (( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ ))     



المصدر: أسماء الله الحسنى وعلاقتها برمضان - المقال : 09 - اسم الله الشكور وعلاقته برمضان.