السَّمِيعُ هو الذي يسمع دعوتك عند الاضطرار، ويكشف محنتك عند الافتقار، ويغفر زلتك عند الاستغفار، ويقبل معذرتك عند الاعتذار.
والدعاء يتعلق باسم من أسماء الله الحسنى هو (السَّمِيعُ) فالله تعالى يسمعك، وأنت في بيتك، وأنت في عملك، وأنت في طائرة، وأنت على ظهر سفينة، وأنت في أعماق الوادي، وأنت في غابة وحولك وحوش كاسرة، وأنت في أي وضع يسمعك، إن نطقت وإن سكتّ، إن ناجيته بخواطرك، وإن ناجيته بلسانك، هو سميع مجيب. سيدنا يونس نادى ربه في بطن الحوت، والحوت في عمق البحر وفي ظلمة الليل:
﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾
والسميع جل جلاله لا تمنعه إجابة دعاء شخص عن إجابة دعاء شخص آخر، ولا يشغله سماع مخلوق عن سماع مخلوق آخر. إنك _ أيها الإنسان _ إن خاطبك واحد وخاطبك آخر تقول له انتظر فأنا شخص واحد .. لكن خالق السماوات والأرض لو أن أهل الأرض دعوه معاً فإنه يسمع دعاء كل واحد منهم. عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ لَقَدْ جَاءَتْ خَوْلَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو زَوْجَهَا فَكَانَ يَخْفَى عَلَيَّ كَلامُهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾.
يقول تعالى : ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ وبحسب السياق، قد يتوهم الإنسان أنه ما دام الحديث عن معجزة الإسراء والمعراج فخاتمة الآية هي: إن الله على كل شيء قدير، لكن الله تعالى يقول في ختام الآية: ﴿ إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ لأن الإسراء والمعراج مكافأة وتكريم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه تكريم السماء تعويضاً عن جفوة أهل الأرض، فالله تعالى سمع دعاء رسوله في الطائف، ورأى حاله فجاءت خاتمة الآية: ﴿ إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.
وفي شهر رمضان تشعر بقربك من الله فتوقن أنه يسمعك فتتوجه إليه بدعائك عند الفطر لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ)) وتتوجه إليه في وقت السحر وقت الخلوة بالحبيب فتشعر بكل خلية في جسمك أنه يسمعك ويجيب سؤلك.
إن القارئ لآيات الصيام في سورة البقرة ليلفت انتباهه ظاهرة وهي أن آية متعلقة بالدعاء قد توسطت بين آيات الصيام وهي قوله تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾
وكأن الله تعالى يريد منا بعد أداء تلك الفريضة أن نحقق هدفاً من أهدافها وهو التوجه إلى الله تعالى ودعاؤه.