بحث

حُسْن الظنّ بالله

حُسْن الظنّ بالله

بسم الله الرحمن الرحيم

   أكثر الناس يَظُنُّون بالله غير الحقّ، ظنَّ السَّوْء، فَمَن ظنَّ بالله ذلك فما عرَفَهُ، ولا عرف أسْماءَهُ، وصِفاته، ولا عرف موجِبَ حَمْدِهِ، وحِكْمَته، فالله تعالى ما يفعله هو عن حِكْمَةٍ بالِغَةٍ بالِغَةٍ، ورحْمَةٍ بالِغَةٍ بالِغَةٍ، وعَدْلٍ بالِغٍ بَالِغٍ.  

وقد ظنَّ بالله ظنَّ السَّوْء من:  

  • قنَطَ من رحمة الله، ويأسَ من روحِهِ.  
  • ومن جوَّز عليه أن يُعَذِّب أوْلياءَهُ مع إحْسانِهم وإخْلاصِهم، ويُسَوِّي بينهم وبين أعْدائِهِ.   
  • ومن ظنَّ أنَّ الله جل جلاله يخْلق خلْقَهُ سُدىً مُعَطَّلين من الأمْر والنَّهْي، ولا يُرْسِلُ، ولا يُنْزِلُ عليهم كتبهُ بل يتْرُكهم هَمَلاً كالأنعام.   
  • ومن ظنَّ أنّ الله جلَّ جلاله لن يجْمَعَ عبيده بعد موتِهم للثَّواب، والعِقاب في دارٍ يُجازى فيها المُحْسِنُ بِإحْسانِه، والمسيء بِإساءَتِه، ويُبَيِّن لِخَلْقِهِ حقيقة ما اخْتَلَفوا فيه، ويُظْهِرُ للعالمين كلَّهم صِدْقَهُ وصِدْق رُسلِه، وأنّ أعْداءَهُ كانوا هم الكاذبين.   
  • ومن ظنَّ أنَّ الله تعالى يُضَيِّعُ على عبْده عملهُ الصالِح الذي عَمِلَهُ خالِصاً لِوَجْههِ الكريم على امْتِثال أمْرِهِ، ويُبْطِلُهُ عليهم بلا سبب من العَبْد، وأنَّهُ يُعاقِبُه بما لا صنيع له؛ لأنَّهُ قدَّر عليه ذلك قبل أن يُخْلَق، ولا اخْتِيار له، ولا قُدرة، ولا إرادة في حُصوله، بل يُعاقِبُه على فعْلِهِ هو سبحانه.  
  • أو من ظنَّ أنَّهُ يُجَوِّزُ عليه أن يُؤَيِّد أعداءه الكاذبين عليه بالمعجِزات التي يُؤَيِّدُ بها أنبياءه ورسله، ويُجْريها على أيْديهم يُذِلُّون بها عباده.   
  • ومَن ظنَّ به أنَّهُ أخبَر عن نفْسِهِ وصِفاتِه بِما ظاهرهُ باطل، وتشْبيهاً وتمْثيلاً، وترك الحق لم يُخْبِر به، فأصبح المعنى أنَّ الله تعالى يُضَلِّلُ عباده!! لكنَّ الله تعالى كلامُهُ الصِّدْق، وإذا قال لك: أنت مُخَيَّر يعني أنَّكَ مُخَيَّر.  
  • ومن ظنَّ أنَّ أحَداً يشْفَعُ عنده من دون إِذْنِهِ، أو أنَّ بينه وبين خَلْقِهِ وسائِط يرْفَعون حوائِجَهم إليه، أو أنَّ أحَداً نصَر عباده وأوْلِيائَه من دونه، ويتقَرَّبون بهم إليه، ويتوَسَّلون بهم إليه، ويَجْعَلونهم وسائط بينه وبينهم فَيَدْعونهم ويخافونهم ويَرْجونهم فقد ظنَّ به أقْبَحَ الظنّ وأسوَأهُ. 

   من ظنَّ ذلك فقد ظنَّ بالله ظنَّ السَّوْء؛ قال الله تعالى:   

﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾

   والذي أريده بهذا الكلام أنَّ هذا الكَوْن ينْطلق بكمال الله ووَحْدانِيَّتِه وينطقُ بِوُجوده، وهو الشيء الثابت، وكمالُ الخَلْق يدُلّ على كمال التًّصرُّف، ولكنَّ البشر جميعاً لا يسْتطيعون أن يُحيطوا بِعِلْمِ الله، ولا أن يَفْهموا ذات الله، فهذا شيء فوق طاقتنا. 



المصدر: العقيدة - العقيدة الطحاوية - الدرس (15-20) : المشيئة والاختيار