بحث

لوازم وثمار التوحيد

لوازم وثمار التوحيد

بسم الله الرحمن الرحيم

     ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، والتوحيد هو لب الإسلام، بل هو محور رسالات السماء .  

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

  من لوازم التوحيد   

  • ألا يتخذ الإنسان من دون الله رباً يعظمه كما يعظم الله:  

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾

     فلو اعتقد أن جهة غير الله يمكن أن تعطي أو أن تمنع، يمكن أن تخفض أو أن ترفع، يمكن أن تعز أو تذل - مستقلة عن إرادة الله - فقد أشرك:  

﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾

  • ومن لوازم التوحيد أيضاً ألا يتخذ الإنسان من دون الله ولياً، يحبه كحب الله:  

﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

  • ومن لوازم التوحيد أيضاً ألا يتخذ الإنسان من دون الله حكماً، يطيعه كما يطيع الله:  

﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً﴾

ثمار التوحيد   

  • من ثمار التوحيد اليانعة أن التوحيد هو في الواقع تحرير للإنسان من كل عبودية، إلا لربه الواحد الديان، الذي خلقه فسواه وكرمه، التوحيد تحرير لعقله من الخرافات والأوهام، التوحيد تحرير لضميره من الخضوع والذل والاستسلام، التوحيد تحرير لحياته من تسلط الأرباب والمتألهين.   
  • ومن ثمار التوحيد اليانعة أيضاً أن التوحيد يعين على تكوين الشخصية المتزنة التي توضحت في الحياة وجهتها، وتوحدت غايتها، وتحدد طريقها، فليس لها إلا إله واحد تتجه إليه في الخلوة والجلوة، وتدعوه في السراء والضراء، وتعمل على ما يرضيه في الصغيرة والكبيرة، ففي القرآن:  

﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾

  • ومن ثمار التوحيد أيضاً يملأ نفس صاحبه أمناً وطمأنينة، فلا تستبد بها المخاوف التي تتسلط على أهل الشرك، فقد سد الموحد منافذ الخوف التي يفتحها الناس على أنفسهم، الخوف على الرزق، والخوف على الأجل، والخوف على النفس، والخوف على الأهل والأولاد، والخوف من الأنس، والخوف من الجن، والخوف من الموت، والخوف مما بعد الموت .  
  • هو صحة نفسية، أي المؤمن الصادق الموحد لا يخاف إلا الله، ولا يخشى إلا الله، ولا يرجو    غير الله، لهذا تراه آمناً إذا خاف الناس، مطمئناً إذا قلق الناس، هادئاً إذا اضطرب الناس:  

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

  • ومن ثمار التوحيد اليانعة أيضاً أن التوحيد مصدر لقوة النفس إذ يمنح التوحيد صاحبه قوة نفسية هائلة، حيث تمتلئ نفسه من الرجاء بالله تعالى، والثقة به، والتوكل عليه، والرضا بقضائه، والصبر على بلائه، والاستغناء به عن خلقه، هو راسخ كالجبل لا تزحزحه الحوادث، ولا تزعزعه الكوارث:   

﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

  • ومن ثمار التوحيد أيضاً أن التوحيد أساس الأخوة الإنسانية، والمساواة البشرية، لأن الأخوة والمساواة لا تتحققان في حياة الناس، إذا كان بعضهم أرباباً لبعض، أما إن كان الناس جميعاً عباداً لله، والله فوق الخلق، هو الخالق، والمربي، والمسير، والرازق، هو الحكم، إليه المصير عندئذ تتحقق المساواة بين الناس، ويأتلف بعضهم لبعض، وهذه بعض ثمار التوحيد.   
  •   أحد أكبر أسباب العذاب النفسي الشرك بالله.  

﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾

     يمكن أن نضغط الدين كله في كلمتين: توحيد وعبادة، والتوحيد نهاية العلم، والعبادة نهاية العمل، إله واحد؛ خالق كل شيء، رب كل شيء، له الخلق والأمر، وإليه المصير، في السماء إله، وفي الأرض إله، فعّال لما يريد:  

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

     ووحده الجدير أن يُعبد فلا يُجحد، وأن يُشكر فلا يُكفر، وأن يُطاع فلا يُعصى.  

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنتُ رِدْيفَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي : يا معاذَ، ما حقُّ الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم قال عليه الصلاة والسلام:  حقَّ الله على العباد أن يعبدوه، لأن العبادة هي علة وجودهم: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾  

(( ما حقُّ العباد على الله إذا هم عبدوه ؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: حقُّ العباد على الله ألا يعذِّبهم ))    



المصدر: ندوة إذاعية - إذاعة دمشق - من نور الإيمان - الحلقة ( 2 - 8 ) : التوحيد والعبادة